السَّـلامُ عليكُـم و رحمـةُ اللهِ و بركاتُــه ،،
|| مِـن آدابِ الإسْــلام ||
حِفـظُ الِّلسـان
لِسانُ الإنسان سببٌ لدخوله الجِنان ، أو عذابِه في النيران .
فإذا نطق الِّلسانُ بخيرٍ كان سببًا في سعادةِ صاحبه ، وإذا نطق بشَرٍّ كان سببًا في تعاستِه .
وفي حديثِ النبىِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :(( مَن كان يُؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِر فليقُل خيرًا أو ليصمُت )) مُتَّفَقٌ عليه .. يقولُ الإمامُ النووىّ رحمه الله : ‹‹ وهذا الحديثُ صريحٌ في أنَّه ينبغي أنْ لا يتكلَّم إلاَّ إذا كان الكلامُ خيرًا ، وهو الذي ظهرت مصلحتُه ، ومتى شكَّ في ظهور المصلحة فلا يتكلَّم ›› .
وكم مِن كلمةٍ خرجت مِن أفواهِنا ونطقت بها ألسنتُنا ، لم نتبيَّن معناها ، ولم نُفكِّر في نتائجها ، ولم نعرف أهى خيرٌ أم شَرّ ؟ أفيها نفعٌ أم ضُرّ ؟
إنَّ كُلَّ كلمةٍ ننطقُ بها مكتوبةٌ لنا أو علينا ، إمَّا في ميزان الحسنات أو السيئات ، ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ ق/18 ، وعن أبي هريرة - رضى اللهُ عنه - عن النبىِّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - قال : (( إنَّ العبدَ ليتكلَّمُ بالكلمةِ مِن رضوان اللهِ تعالى ما يُلقي لها بالاً يرفعه اللهُ بها درجات ، وإنَّ العبدَ ليتكلَّمُ بالكلمةِ مِن سَخطِ الله تعالى لا يُلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم )) رواه البُخارىّ .
ومِن أمثلةِ ما ينطقُ به اللسان ، فيكونُ سببًا في دخوله النيران :
- الكَـذِب : ومنه شهادة الزور ، وفي حديث النبىِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( وإنَّ الكَذِبَ يهدي إلى الفجور ، وإنَّ الفجورَ يهدي إلى النار ، وإنَّ الرجلَ ليكذِبَ حتى يُكتَبَ عند الله كذَّابًا )) مُتَّفَقٌ عليه ، وفي الحديث أيضًا عن أبي بكرة - رضى اللهُ عنه - قال : قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( ألَا أُنبِّئكم بأكبر الكبائر ؟ قلنا : بلى يا رسولَ الله ، قال : الإشراكُ بالله ، وعقوقُ الوالدين )) وكان مُتَّكِئًا فجلس فقال : (( ألَا وقول الزُّور ، وشهادة الزُّور )) ، فما زال يُكرِّرها حتى قلنا : ليته سكت . مُتَّفَقٌ عليه .
وأعظمُ الكَذِب ما كان على اللهِ تعالى ورسوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، يقولُ رَبُّنا تبارك وتعالى : ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ ﴾ الأعراف/37 ، ويقولُ رسولُنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( مَن كَذَبَ علَىَّ مُتعمِّدًا فليتبوأ مقعَدَه مِن النار )) رواه البُخارىّ .
- الغِيبـة : قال اللهُ تبارك وتعالى : ﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ﴾ الحجرات/12 .
- النميمـة : فعن حُذيفة - رضى اللهُ عنه - قال : قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( لا يدخل الجنةَ نمَّام )) مُتَّفَقٌ عليه .
- السَّبُ والشَّتْمُ والَّلعْن : إمَّا للبشَر أو للحيوانات أو للجَمادات ، وهذا كُلُّه مَنهِىٌّ عنه ، ومُتَوعَّدٌ عليه ، فعن ابن مسعودٍ - رضى اللهُ عنه - قال : قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( سِبابُ المُسلمِ فُسوق ، وقِتالُه كُفر )) مُتَّفَقٌ عليه ، وعن عائشةَ - رضى اللهُ عنها - قالت : قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( لا تَسُبُّوا الأموات ، فإنَّهم قد أفضَوا إلى ما قدَّموا )) رواه البُخارىّ ، وعن ابن مسعودٍ - رضى اللهُ عنه - أيضًا قال : قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( ليس المُؤمِنُ بالطَّعَّان ، ولا الَّلعَّان ، ولا الفاحِش ، ولا البذِئ )) رواه الترمذىّ وصحَّحه الألبانىّ .
- القَـذف : فعن أبي هريرة - رضى اللهُ عنه - قال : سمعتُ رسولَ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - يقول : (( مَن قذف مملوكَه بالزِّنا يُقامُ عليه الحَدُّ يومَ القيامة ، إلاَّ أن يكونَ كما قال )) مُتَّفَقٌ عليه ، وقال رَبُّنا سُبحانه وتعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ النور/23 .
وفي مُقابِلِ ذلك : نجدُ أنَّ الِّلسانَ قد يكونُ وسيلةً لدخول الجِنان ، بكلماتٍ طيبةٍ ينطِقُ بها ، ومِن أمثلةِ ذلك :
- ذِكرُ اللهِ تعالى : والذِّكرُ يكونُ بوسائلَ عِدَّة ؛ كالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل ، والاستغفار ، والصلاة على النبىِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، وقراءة القرآن ، والصلاة التي تشتمِلُ على الأذكار السابقة .
- الدِّفاعُ عن عِرض المُسلم : فعن النبىِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال : (( مَن رَدَّ عن عِرض أخيه رَدَّ اللهُ عن وجههِ النار يوم القيامة )) رواه الترمذىّ وصحَّحه الألبانىّ .
- الأمرُ بالمعروفِ والنهى عن المُنكر : يقولُ اللهُ تبارك وتعالى : ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ آل عمران/110 ، ويقولُ رسولُنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( مَن رأى منكم مُنكرًا فليُغيِّره بيده ، فإنْ لم يستطع فبلسانه ، فإنْ لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعفُ الإيمان )) رواه مُسلم .
- الإصلاحُ بين الناس : قال اللهُ تعالى : ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ﴾ النساء/114 .
- حديثُ الرجل امرأتَه ، وحديثُ المرأة زوجها .
وأخيـرًا .. أُذكِّـرُ بفضيلةِ حِفظِ اللسان ، وبأنَّه وسيلةٌ لدخول الجنَّة ، عن أبي موسى - رضى اللهُ عنه - قال : قلتُ :يا رسولَ الله ، أىُّ المُسلمين أفضل ؟ قال : (( مَن سلِمَ المُسلمون مِن لسانه ويده )) مُتَّفَقٌ عليه ، وعن سهل بن سعدٍ قال : قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( مَن يضمَنُ لي ما بين لحيَيهِ وما بين رِجلَيه أَضمَنُ له الجنَّة )) رواه البُخارىّ .
اللهم احفظ ألسنتنا عن النُّطقِ بكُلِّ شَرّ ، واجعلها لكَ شاكرةً ذاكرة .